30 دقائق للقراءة
تتصف المنظمة التي تتبنى التميز المؤسسي بأنها تحقق مستويات من الأداء الباهر المستدام والذي يلبي احتياجات وتوقعات المعنيين (من يؤثر ويتأثر بعملها) ، فالتميز المؤسسي فعل وعمل جاد تم التخطيط له بتحديد تطلعات المعنيين وكيفية تحقيقها في ظل الظروف البيئية و الإمكانيات والقدرات الداخلية .
فالتميز المؤسسي عملة لها وجهان لا ثالث لهما ، التقييم و الآخر التحسين . فالتقييم يعطي نظرة شاملة ، ممنهجة ومنتظمة لأنشطة ونتائج المنظمة بالاستناد والرجوع لنموذج التميز المؤسسي أو بمعنى آخر التعرف على موقف المنظمة في تحقيقها لخطتها الاستراتيجية ، لتبيين نقاط القوة وتعزيزها والمحافظة عليها وفرص التحسين لتحويلها إلى مشروعات تطوير ، وهكذا تستمر رحلة المؤسسة في التقييم والتحسين .
اعتماد المنظمة على وجه واحد يفقدها جنى ثمار الرحلة وبالتالي تصبح عملة التميز بلا قيمة أو مردود إيجابي ، لذلك قيادة المنظمة إن رغبت في استدامة ما حققته من نتائج باهرة لا بد من جعل التقييم الذاتي و التحسين أسلوب العمل في إدارتها ومتابعتها للعمل .
تتمثل فوائد التقييم الذاتي في أن المنظمة تستطيع أن تحدد مكان وجودها وموقعها في رحلتها نحو التميز والتخطيط لمقبل الخطوات حيث أن مخرجات التقييم الذاتي هي المدخل الأساسي لعمليات التحسين والتطوير المستمر للنتائج وممكناتها ، كذلك يوفر فرصة ثمينة للمنظمة في حال تخطيطها للمشاركة في أي برامج للاعتراف بالمستويات المتميزة من الإنجازات و يزيد من جاهزيتها في إعداد وثائق المشاركة و تعميق فهم كيف يتم التقييم .
فالتقييم الذاتي بمفهوم نهج العملية له مدخلات محددة وخطوات تنساب بصورة منطقية وعملية ، ونجاح كل خطوة يبنى على نجاح الخطوة السابقة للوصول للمخرجات المطلوبة تتمثل هذه الخطوات في :
الخطوة الأولى : التزام و اقتناع القيادة و مشاركتها حيث يعتمد نجاح التقييم الذاتي على اقتناع متخذي القرار و دعمهم و مشاركتهم بفعالية فيه يضاف لذلك فهمهم للتميز المؤسسي وتواصلهم الفعال مع العاملين بتوضيح الغرض من التقييم و دورهم كميسيرين لإزالة مخاوف العاملين و ومقاومتهم للتغيير.
الخطوة الثانية : يجب على المنظمة أن لا تخفق في الحصول على التزام ودعم الإدارة العليا و من الأفضل أن تتأكد من ذلك لأن نجاح هذه الخطوة التالية يقوم عليه وهو التخطيط لعملية التقييم الذاتي ووضعه في اطار زمني محدد له بداية وله تاريخ نهاية وموراد ، والأخذ في الاعتبار تقنية التقييم الذاتي نفسها حيث لا توجد تقنية مفضلة على الأخرى وانما العنصر الحاسم في ذلك هو مستوى التفاصيل الذي ترغب القيادة به ، مستوى النضج المعرفي بالتميز ومفاهيمه، الموارد المتاحة ، الزمن المتاح وتفرغ فريق العمل .
لأن هناك عدة تقنيات تتفاوت طريقة تنفيذها من تقنيات سهلة ولا تستغرق زمن إلى معقدة وتحتاج وقت أطول.
الخطوة الثالثة : تدريب القيادة وفريق العمل على التقنية المراد استخدامها وكيفية تنفيذ التقييم الذاتي . وتوضيح طريقة العمل.
الخطوة الرابعة : إجراء وتنفيذ التقييم الذاتي حسب التقننية المتفق عليها والالتزام بتوجيهات تنفيذها ، فهنا تظهر المخاوف والشكوك من أن هناك استهداف لإدارة معينة او شخص بعينه ، الملل من العملية نفسها فيكون الاستعجال في التنفيذ ، اختلاف وجهات النظر وتنازل البعض لتمرير وجهات نظر الآخر بذلك يظهر أصحاب الصوت العالي ويؤثرون في حيادية التقييم ، المبالغة في التقدير والتقييم سلبا وايجابا …الخ وكلها ممارسات من شأنها أن تقلقل من جودة المخرجات النهائية . وهنا يتعاظم دور القادة في إدارة هذه المرحلة الحساسة جدا في دورة التقييم ، بإزالة المخاوف وتوضيح الهدف من التقييم المتمثل في تشخيص النظام الإداري ونتائجه وليس الأشخاص وأن التقييم فرصة للجميع لتحسين الأداء ، اما بالنسبة لحالات الاختلاف والصراعات بين فريق العمل فمن الممارسات الجيدة في ذلك استعانة المنظمة بميسر خارجي .
الخطوة الخامسة : المخرجات وترتيب الأولويات والاتفاق عليها وهي خطوة للتعامل مع ما توصلت إليه القيادة من نقاط للقوة وتعزيزها وفرص التحسين لمعالجتها تحديد أولويات التحسين ، بعض فرص التحسين قد يكون لها تأثير محدود على النتائج الرئيسية للمؤسسة. لذا تحتاج قيادة المؤسسة لآلية واضحة ومتفق عليها لترتيب الاولويات
الخطوة السادسة : وضع وتطبيق خطط التحسين وهي المرحلة التي تبدأ فيها المنظمة في العمل على الوجهة الثانية من عملة التميز المؤسسي بانتخاب فرص التحسين وتشكيل فرق العمل وتوفير الموارد بمشاركة فعلية من القيادات في ترأس فرق التحسين.
الخطوة السابعة : مراقبة التقدم في خطة التحسين ومراجعة العملية ككل بالإضافة لتحفيز من أبدع و أنجز من الموظفين و الاحتفاء بالإنجاز ، إضافة لتقييم ومراجعة العملية ككل والتعرف واستخلاص الدروس المستفادة وتوثيق التجربة ومشاركتها وتوفير إرث معرفي بالمنظمة تستفيد منه لاحقا وتفيد به المنظمات الأخرى.
ختاما فإن التقييم الذاتي هو عكس لواقع المنظمة وليس تجميله للتعرف على مدى قربها أو بعدها عن الممارسات بالمنظمات المتميزة والمفاهيم الأساسية للتميز ، من خلال التعرف على نقاط القوة و فرص التحسين
نوصي المنظمات التي ترغب في بدء او قطعت خطوات في رحلة التميز المؤسسي أن تجعل من التقييم الذاتي وسيلة لمتابعة وادراة الأداء و كمال ذلك بمشروعات للتحسين ومن ثم التقييم والتحسين وهكذا تستمر الرحلة.